
شهر الله المحرم
إن لله تعالى أصفياء من خلقه، فقد اصطفى الله تعالى من أيام الأسبوع يوم الجمعة ليجعله عيدًا في الأرض والسماء، واصطفى من الليالي ليلة القدر، واصطفى من الشهور الأشهر الحرم ليجعلها أكثر حرمة وأرفع قدرًا، فيها الخير مضاعف والشر محذور منهي عنه، ومن عظم فيها شعائر الله فإنه لتقوى قلبه أقرب، واليوم نتعرف على فضل أول الأشهر الحرم، فضل شهر محرم .
ماهو شهر محرم
شهر محرم هو أول شهور السنة الهجرية التي تتكون من اثني عشر شهرًا، وهو أحد الأشهر الحرم وأولها ” محرم وذو القعدة وذو الحجة ورجب” وقد كان يسميه العرب في الجاهلية صفر الأول، فلما جاء الإسلام سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم شهر الله المحرم، وانظر لهذا الفضل العظيم إذ أضيف اسم الشهر للفظ الجلالة لتعظيمه، ومع أنه ليس أعظم الشهور بل رمضان هو أعظمها، إلا أن إضافة اسم الشهر للفظ الجلالة هنا لأن كل الشهور بقيت على اسمها المعروف قبل الإسلام إلا شهر الله محرم تغير فأضيف إلى لفظ الجلالة كما ذكر العلماء هذه اللطيفة الجميلة.
والله عز وجل لا يضيف لاسمه إلا كل معظم شريف كما قال تعالى : (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً) [هود: 64]، وكما خص ذكر الكعبة ببيت الله الحرام.
تعرف أيضًا على : فضل يوم عرفة
فضائل شهر الله المحرم
أعظم شهور العام بعد رمضان:
فكما جاء في مقولة الحسن البصري رحمه الله تعالى فقد افتتح ربنا سبحانه وتعالى العام بشهر محرم وهو شهر الله المحرم واختتمها بشهر ذي الحجة “وليس هناك شهر أعظم عند الله من المحرم“.
وجاء في سؤال أبي ذر رضي الله عنه للنبي صلى الله عن أفضل الليالي والشهور قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الليل خير وأي الأشهر أفضل؟ فقال: خير الليل جوفه وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم)
نجاة موسى وقومه من فرعون:
أحد أهم الفضائل التي ذكرت في السنة من فضل شهر محرم هو نجاة نبي الله موسى عليه السلام وقومه من فرعون وظلمه، ولنا دائمًا في قصص الأنبياء سلوى ففي هذا الشهر العظيم سلوى لكل مظلوم وتذكرة له بأن الظلم مهما طال فإن العدل قائم لا محالة، وأن الليل مهما اشتدت ظلمته فلا بد من طلوع الفجر.
عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: “مَا هَذَا؟”! قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى شكرًا لله، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: “فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ”.
تحريم القتال فيه:
حرم الله تعالى القتال في الأشهر الحرم، وليس القتال هنا المقصود به الدفاع عن النفس ضد الغازي أو المحتل، بل ابتداء القتال، فقد قال الله تعالى “ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ” (المائدة: من الآية2) .
أعمال شهر محرم
لم يرد في السنة النبوية ما يخص فضل شهر محرم بأعمال خاصة به عن سائر شهور العام، إلا بخصوص الإكثار من الصيام فيه، إلا أن شهر محرم من الأشهر الحرم كما ذكرنا سابقًا ولذا فإن جميع أعمال البر والخير مقدمة في هذا الشهر العظيم فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: (إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّيْنُ القَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيْهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة:36].
ومعنى فلا تظلموا فيهن أنفسكم: أي لا ترتكبوا المعاصي والذنوب في كل الشهور عامة، وفي الأشهر الحرم خاصة والتي يقع بها الظلم العظيم على أنفسكم إذ توردوا أنفسكم المهالك بالذنوب.
اقرأ أيضًا: علامات ليلة القدر
صيام محرم
من فضل شهر محرم المخصوص أنه شهر يفضل فيه الإكثارمن الصوم عن غيره من الشهور، فعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: ” أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل” .
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) .
وقد اختلف العلماء فيما يدل عليه هذا الحديث من أحكام شرعية هل يدل على جواز صيام الشهر كاملًا أم الإكثار في صيامه؟
ورجح أهل العلم الإكثار دون تمام صيام الشهر لقول عائشة رضي الله عنها الذي رواه مسلم في صحيحه: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان).
لا شك أن فضل شهر محرم مشهور معلوم كما ذكرنا وحري بالمسلم العاقل أن يغتنم عمره كله بما يقربه من الله تعالى، من صيام النوافل، وأداء الزكاة والصدقات، وقراءة القرآن، وحفظ القرآن الكريم، وغيرها من أعمال البر والخير التي تقربه من الله تعالى.