فن إدارة ميزانية الأسرة

أهمية وضع ميزانية للأسرة
الأسرة هي لبنة أساس المجتمعات وهي المؤسسة الأولى والأصغر في المجتمع، وإذا كان أحد أهم أهداف المجتمعات هي الإدارة الاقتصادية الناجحة فإن هذا يحدث أولًا في الأسرة ثم ينطلق منها لباقي المجتمع، ومن هنا جاء أهمية فن إدارة ميزانية الأسرة وهو ما سنتعرف عليه في هذا المقال بطريقة عملية ناجحة.
ما هي ميزانية الأسرة :
الميزانية جاءت من كلمة ميزان لأنها تتكون من كفتين الكفة الأولى الأموال التي تدخل للأسرة والكفة الثانية المصروفات المطلوبة.
وحين تنجح في إدارة ميزانية الأسرة يتطلب منك أن توازن الكفتين بل سنستطيع بفضل الله بعد تنفيذ هذا المقال من الوصول بفائض من الدخل في نهاية الشهر.
أهمية وضع ميزانية أسرية:
حفظ المال من الإسراف: لقد نهانا الله عز وجل عن الإسراف لما له من عاقبة سيئة على الفرد والمجتمع وحين تهمل إدارة الميزانية تقع في فخ الإسراف لا محالة.
تحقيق الأمان المالي: عندما تتقن إدارة ميزانيتك فإنك تستطيع ادخار المزيد من الأموال وحينما تتمكن من ادخار المال يحصل لك الأمان المالي اللازم لمواجهة تحديات الحياة.
الوصول للأهداف الخاصة بالأسرة:من أهمية وضع ميزانية للأسرة أننا نصل لأهدافنا. من أهداف كل أسرة ومن أهداف كل بيت، أن يكون لديهم منزل يتملَّكونه، أن تكون لديهم حياة كريمة، أن يكون لديهم أفضل أثاث، أفضل المرْكوبات والسيارات، هذا طموح أكثر الأسر؛ عندما لا تكون لدينا موازنة وخطة ميزانية للأسرة، تجد أن هذه الأحلام كلها تتبعثر، أما إذا وضعنا ميزانية، نجد أنها تتحقق، ولو بعد حين ولكنها بإذن الله تتحقق.
تقليل الخلافات الأسرية: أثبتت كثير من الدراسات أن كثيرا من المشاكل الزوجية سببها الاضطرابات المالية، بل إن ارتفاع نسب الطلاق بشكل ملحوظ الآن ورائها بقوة الخلافات المادية.
اقرأ عن: ما أهمية دراسات الجدوى
الفرق بين الترشيد والبخل :
حين نقول أنه ينبغي علينا إدارة ميزانية الأسرة بشكل صحيح لانعني هنا أن نكون بخلاء ففرق كبير بين البخل والترشيد.
الترشيد هو الوسط المطلوب بين الإسراف في النفقات وإمساك اليد عن الواجبات، فالمطلوب ليس الشح وإنما التدبير والإدارة وعدم الإنفاق زيادة عن الحد.
وعلينا أن نتبع المنهج الرباني الرائع في الإنفاق: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء:29].
اعرف حاجاتك ورغباتك :
الحاجة والرغبة ليسا مترادفتان بل هناك فرق كبير بين ماتحتاجه فعلًا وبين ماترغب به، وإذا عرفنا الفرق بين احتياجتنا ورغباتنا التي لا حاجة لنا فيها فإنه يمكننا إدخار الكثير من الأموال التي كانت تضيع في رغبات لا فائدة من ورائها.
الحاجة : هي التي إن فقدت سببت ضررًا.
الرغبة: هي التي لا تسبب ضررًا بفقدها.
مثال: نعيش في مكان لا تصل له المواصلات إذًا نحتاج لسيارة لتقضي حاجتنا من الذهاب والإياب ” هذه حاجة” فكرنا في شراء سيارة لكن رغبنا في أن تكون أحدث موديل بثمن باهظ ومظهر جذاب ” هذه رغبة” .
ولكي تضع مقياسًا فاصلًا للحاجة والرغبة استرجع معي هذا الأثر الذي روي عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي رأى ذات يوم رجلًا قد اشترى بعض السلع. فنظر له عمر وقال ماهذا ؟ قال اشتهيته فاشتريته .. فقال أوكلما اشتهيت اشتريت !!!
اعرف حاجاتك ورغباتك وتحكم بها تتقن إدارة ميزانية الأسرة بنجاح.
تعرف على : ما هي دراسات الجدوى
تحليل ميزانية الأسرة:
أول خطوة في فن إدارة ميزانية الأسرة هي تحليل الميزانية للوقوف على الطريقة الصحيحة لإدارتها ويأتي هذا عن طريق عدة خطوات:
حساب المدخلات :
تشمل المدخلات جميع الأموال التي تتحصل عليها الأسرة سواء كان من رواتب ثابتة أو بدلات أو أعطيات ومساعدات من الأهل أو استثمارات وإيجارات لبعض الأماكن أو رواتب على أعمال إضافية، وهنا يجب حساب هذه الأموال جميعها بشكل ثابت.
فإذا كانت المدخلات غير ثابتة بمعنى بعض الشهور تأتي بدلات وحوافز أو يأتي ريع إيجار بعض الشقق أو المحلات بشكل نصف سنوي أو سنوي علينا أن نجمعها ونقسمها على الشهور الإثنى عشر ليكون حساب كل شهر منضبطًا.
تحليل المصروفات:
لتتعلم فن إدارة ميزانية الأسرة عليك أن تقف على جميع عناصر الإنفاق خلال الشهر وتحسبها جيدًا لتتمكن من إدارتها وهذه المصروفات تختلف من أسرة لأخرى لكنها بشكل عام تتلخص في:
مشتريات المنزل الشهرية: ونعني بهذا جميع المشتريات من مأكل ومشرب ومساحيق التنظيف
مصاريف المرافق: مثل إيجار السكن وفواتير الكهرباء والماء والغاز والإنترنت.
المواصلات: إذا كان لديك سيارة فتكتب كم تستهلك السيارة شهريًا من بنزين ومتوسط الصيانة سنويًا لها.
مصاريف الملابس: كم يحتاج كل فرد في الأسرة من كسوة نحسب المتوسط.
المصاريف الشخصية: ونعني هذا مصاريف شحن الهاتف المحمول والفاتورة الخاصة به ومصروف الأبناء .
مصروفات التعليم: مصاريف المدرسة والدروس الخاصة والكورسات وأدوات التعليم المطلوبة.
العزائم والمناسبات والخروجات: نحسب متوسط العزائم التي نحتاجها شهريًا والمناسبات التي يلزم بها مجاملات وكذلك التنزهات الشهرية.
مصاريف أخرى: نجمع بها جميع المصاريف التي لم تندرج تحت بند من البنود السابقة والتي تختلف من شخص لآخر.
بعد هذا التحليل الدقيق يكون لدينا تصورًا عامًا للمصاريف الشهرية الضرورية.
طريقة الأظرف لتوزيع ميزانية الأسرة:
علينا أولًا أن نحدد موعدًا ثابتًا لتجميع الراتب الشهري فمثلًا إذا كان الزوج يتحصل على الراتب كل شهر في موعد محدد وزوجته في موعد آخر لنحدد أن راتب الزوج سيكون منه مصاريف كذا وكذا وراتب الزوجة مصاريف كذا لنتمكن من تقسيمه في الأظرف.
نحضر عدد سبعة أظرف حقيقية ونقسمها كالآتي:
ظرف المصروفات:
الظرف الأول هو ظرف المصروفات الإلزامية ونضع فيها الإيجار المطلوب ومصاريف الماء والكهرباء وفواتير النت وصاريف دروس الأولاد ومصروفاتهم الأساسية ” المصروف الشهري لهم” ويفضل أن يتم دفعها أول كل شهر.
ظرف الادخار:
في هذا الظرف نضع مالايقل عن 10% من الراتب وإن استطعنا أن نجعلها 20% فهو أفضل ويمكن أن نبدأه تدريجيًا حتى يستطيع الإنسان التحكم فيه بالتعود.
ظروف الأسابيع:
بعد إخراج الأساسيات والمدخرات يتم تقسيم المتبقي من الراتب على أربعة أظرف كل أسبوع ظرف وفيه مصاريف البيت من مأكل ومشرب وغيرها.
ظرف الطوارئ :
وهو ظرف نضع فيه مبلغ من المال مناسب مع الراتب للطوارئ مثل ضيف جاء على غير موعد أو زيارة لطبيب وغيرها من الأمور الطارئة على ألا تفتحه إلا للطوارئ فقط وإذا لم نحتاج إليه فإنه يحول لظرف الإدخار في الشهر الذي يليه.
إن فن إدارة ميزانية الأسرة يحتاج لتدريب وتدرج وعزيمة على التغيير وليعلم الإنسان أن كل أمر حسن يحتاج لمجهود مبذول فلا ييأس ولا يمل، فلابد لمن يسعى بجد أن يصل.