التاريخالتاريخ العربي

تاريخ الحرب على ماء نهر النيل

بعد بناء سد إثيوبيا وما نتج عنه من مفاوضات وقرارات حاسمة تجاه مصر التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على ماء النيل في جميع مجالات الحياة سواء الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو الطعام أو الشراب، فمياه النيل هي المياه المستساغة للشرب في مصر، والتي تمتد من إثيوبيا حتى وصلت إلى مصر، وكل فترة تقوم إثيوبيا بالعمل على بناء سدود لتمنع دول حوض النيل من المياه وتختلق حجج لا أساس لها من الصحة فقط من باب خَلْق ورقة ضغط على مصر وغيرها من دول حوض النيل للزج بهم إلى مجموعة من الشروط التي تصب في مصالح دول أُخرى تريد الاصطياد في الماء العَكِر واستغلال المآزق للوصول إلى أهداف مناهضة لمبادئهم وإجبارهم، نتعرف في هذا المقال على تاريخ الحرب على ماء نهر النيل 

هل نحن على وشك خوض حرب دامية بين دول حوض النيل وإثيوبيا حول تقسيم مياه النيل؟ وتُرى إلى أي مدى تمثل المفاوضات التي تحدث بين إثيوبيا ودول أُخرى تهديداً للأمن القومي المصري وبالأخص إن كانت تلك الدول معادية لمصر والمصريين فيما يتعلق بمنابع النيل؟ وهل تعتبر خطوة ملأ سد النهضة التي قامت بها إثيوبيا في الفترة الأخيرة مجرد لعبة سياسية للضغط على مصر لتقليل حصتها من ماء النيل الذي تم الاتفاق عليه من البداية وفقًا للعديد من الاتفاقيات الدولية، وهل سيتخذ الأمن الوطني ردة فعل تجاه ما تقوم به إثيبوبيا والذي يٌهدد الأمني القومي للمنطقة ولقارة إفريقيا؟ أم أن الأمر في النهاية سيصب في مصالح واستراتيجيات لجهات أخرى؟ 

تاريخ الحرب على ماء النيل بين مصر وإثيوبيا

هل كما يُزعَم أن سد النهضة مجرد عمل تنموي يخدم صالح الشعب الإثيوبي وبعض دول حوض النيل؟ أم أنه القشة التي ستُشعِلُ حربًا جديدة في سلسلة حروب السيطرة على مياه النيل ضد مصر والسودان؟ وهل تتفق خطط المياه في كل من دول المنبع ودول المصب مع الاتفاقيات الإقليمية والتاريخية لتقسيم استغلال مياه نهر النيل؟ والسؤال الأهم الآن الذي يسأله كل مواطن وكل رئيس دولة من دول حوض النيل سواء من دول المنبع أو دول المصب هل مناسيب مياه النيل الحالية ستكفي لمشاركة جميع الدول فيها أم أنها تندد بقدوم كارثة مهيبة؟

اقرأ أيضًا: فوائد ترشيد استهلاك الماء

لكن هل حدثت مواجهات عسكرية من قبل بين مصر وإثيوبيا؟

إذا أردنا أن نبحث عن تاريخ الحرب على ماء نهر النيل علينا أن نعود للوراء حين بزغ نجم الجيش المصري أو القوات المصرية كقوة عسكرية لا يُستهان بها في قارة إفريقيا تزامنًا مع خنوع وتأخُّر الدولة العثمانية، اتجه خديوي مصر إسماعيل وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر لإقامة إمبراطورية مصرية عظمى في إفريقيا تسيطر على المنطقة الإفريقية بأكملها وتفرض حصونها على دول حوض النيل، لذلك عمل على بناء جيش مصري هائل بقيادة ضباط على أعلى مستوى من الكفاءة من أوروبا وأميريكا.

وفي ذلك العصر وبدعم من الاحتلال البريطاني، قامت مصر وحكامها بممارسات سياسية الهدف منها فرض نفوذها على نهر النيل من المنبع إلى المصب. لكن طموح إثيوبيا غير كل مخططات مضر آنذاك. فقد كان هناك حديث يدور على بناء سد قائم على النيل وقد كان ذلك حلم لسنوات، لكن وقتئذٍ حين بدأت إثيوبيا بالبدء في بناء السد، انطلقت ثورات عربية، وكانت مصر حينئذٍ منشغلة بأمور البلاد الداخلية.

بعد العودة للعديد من المراجع التاريخية. فقد حدثت اشتباكات بين قوات مصرية وإثيوبية قديمًا أكثر من مرة، أو إذا أردنا الدقة فهما مرتين، وانتصر فيهما الجانب الإثيوبي في خلال تلك المشاحنات العسكرية. 

معركة غوندت 1875

في ديسمبر عام 1874 توجهت قوات مصرية عسكرية مكونة من 1200 جندي من ميناء كسلا تحديدًا بقيادة مونزينغر وهو ضابط سويسري واحتلت منطقة كيلين، ولكن مع احتجاجات الإثيوبيين انسحب الجيش المصري مًخلِّفًا حامية وراءه لحماية بعثة كاثوليكية رغم أن تلك البعثة كانت موجودة في المنطقة لأكثر من أربعين عامًا بدون أي حماية.

وخلال شهر أكتوبر عام 1875 احتلت قوات مصرية بقيادة الكولونيل سورن آريندوب الدنماركي مدينة غيندا وأرسل أحد الجنود كمبعوث برسالة إلى ملك إثيوبيا يطالبه بإعادة رسم الحدود، وقد ظن الملك الإثيوبي أن محتوى الرسالة تهديد واعتبرها كذلك فسجن الرسول المبعوث، وفي 23 أكتوبر أعلن ملك إثيوبيا الحرب على القوات المصرية.

وردت الأنباء للجانب الإثيوبي في ذلك الوقت بأن المصريين يقومون بتعزيز قواتهم داخل أراضي إثيوبيا بحوالي أكثر من ألفي جندي مصري بقيادة مونزينغر باشا من كسلا فقام الأثيوبيون بنصب كمينًا لهم بالقرب من العدوة حيث تقريبًا لاقى مونزينغر وكل القوة العسكرية التي كان يقودها حتفهم على يد قبائل إثيوبية تُدعى قبائل الدناكل في 7 نوفمبر عام 1875.

وفي 14 نوفمبر قام الإثيوبيون بمهاجمة القوات العسكرية المصرية بقيادة الكولونيل آريندوب في غوندت، وكانت القوات العسكرية المصرية تتكون من قوة عددها 2500 جندي مصري بقيادة ضباط أمريكيين وأوروبيين وفوجئ المصريون باستخدام القوات الإثيوبية المُقاتلة بالبنادق وقد قُتِل آريندوب في هذه المعركة وليس هو فحسب، بل قتل كذلك أغلب ضباطه، مصيرهم نفس مصيره. وبحلول يوم 16 نوفمبر كانت قد انتهت المعركة، ولم ينج سوى عدد قليل منها.

  • معركة غورا 1876

بعد هزيمة غونديت جهَّزَ الجيش المصري حملة انتقامية ضخمة على إثيوبيا عام 1876 عدد قواتها 20 ألف جندي بقيادة القائد محمد راتب باشا والجنرال وليام لورينغ الأمريكي، حيث قام المصريون بالتقدُّم نحو غورا وأقاموا حامية كبيرة هناك. وفي 5 و 6 نوفمبر استعد الجيش الإثيوبي، وكانت قوات مهيبة عددها 200 ألف جندي مقاتل، وشنوا هجوما ملحميًا على القوات المصرية. كانت القوات الإثيوبية مسلحة بالبنادق ومدفع واحد.

وكان راتب باشا يريد البدء بمهاجمة القوات الإثيوبية ولكن الجنرال لورينغ كان له رأيًا آخر وفضل التحصن في المعسكر الذي كان يحيطه تلالًا اعتلتها القوات الإثيوبية والتي كانت أدرى بتلك المنطقة من القوات المصرية لذا فتحت نيرانها على جميع مَن في المعسكر المصري. وحين حاول اسماعيل باشا كامل أحد قادة القوات المصرية إعادة تجميع الجيش كانت محاولته دون جدوى.

وفي 8 و9 مارس هاجمت القوات الإثيوبية مدينة غورا، وفي 10 مارس جاءت حملة قادها رشيد باشا وعثمان بك نجيب بغرض الهجوم المضاد ضد القوات الإثيوبية الذين قاموا بصده وأنزلوا بالقوات المصرية المهاجمة خسائر كبيرة واستولوا على الكثير من المعدات.

ولا ننسى موقف الرئيس الراحل محمد أنور السادات وقت ظهور قرار إنشاء السد في عهده، وبعثه لطائرات حربية دكَّت السد دكًا، وذلك لأن مصر لا تسمح بالمساس بالمياه، لأن نهر النيل كما وُصِف في العديد من الكتب المصرية هو شريان الحياة، وأنتَ برأيك، هل لديكَ إضافة على تاريخ الحرب على ماء النيل بين دول المصب ودول المنبع؟ شاركنا بها، وشاركنا كذلك ما إذا كان السد الإثيوبي سيصنع شدة مستنصرية جديدة؟ أم أنه فقط يصُب في المصلحة العامة لدولة إثيوبيا؟ وهل سيؤثر تخزين المياه على مناسيب المياه في دول المصب؟ وتُرى هل سيكون سد النهضة هو الشرارة التي ستشعلُ حربًا جديدة على المياه تضاف إلى تاريخ الحرب على ماء النيل ؟

شاركنا برأيك 

اظهر المزيد
أفضل شركة تصميم مواقع أفضل شركة تصميم مواقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى